فصل: المداد القرآني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.نماذج لتحريف الكلم:

وذكر الكاتب الحديث القدسى «إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه فصبر عوضته عنهما الجنة» رواه أحمد: 2 144 ط الحلبى، والبخارى في كتاب الرضى، والدارمى في الرقاق، والترمذى في الزهد، يريد عينيه. ثم علق عليه بهذه الكلمات الحمقاء: الرأى متروك لأطباء العيون ليقرروا هل فقد البصر ابتلاء من الله أم هو ناتج عن أمراض معينة؟
ثم قال بعد لغو طويل: إذن المسألة ليست الصبر أو التعويض عن فقد العينين بالجنة! المسألة كلها نقص في المستوى العلمى آنذاك!.
والمرء يتحير في هذا الغباء! هل يقال لمن أصيب بانفصال في الشبكية مثلًا: انتحر فقد فقدت نور الحياة، أم يقال له اصبر واحتسب؟!.
وهل الوصية بالصبر تعنى عدم التماس العلاج إن وجد إليه سبيل؟ لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوى والتماس العافية من أي سبيل ميسور.
لكن ما العمل إذا لم ينفع الدواء؟ أيقول الأنبياء للمرضى: موتوا بغيظكم. أم: اصبروا على قضاء ربكم، يأجركم يوم اللقاء بما يطيب خاطركم.
وذكر الكاتب حديث رسول الله في الطاعون ثم أخذ يتخبط في التعليق عليه، وتعليمات النبى صلى الله عليه وسلم في ذلك تحصر الوباء في أضيق نطاق ممكن لأنه يقول: إذا سمعتم بالطاعون في بلد فلا تسافروا إليها ولا تخرجوا منه.
ولا شك أن الباقى في بلد تحدثه نفسه بالفرار نجاة بحياته، بيد أن النبى الكريم يوصيه بالبقاء- منعًا للعدوى- كما أسلفنا، ويجعل لمن مات مصابًا أجر شهيد، وهى مواساة كريمة، ووعد مصدو.
وبديهى أن يكون هذا الأجر الأخروى لمن يؤمن بالآخرة وحده، إذ ماذا ينتظر من الله منكر لوجوده، أو مفتر الكذب عليه؟!
لكن هذا الأسيوطى المسكين يسوق حديث البخارى في هذا الموضوع على هذا النحو:
روت عائشة قالت: سألت رسول الله عن الطاعون، فأخبرنى أنه «عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون في بلده فيمكث صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله إلا كان له أجر شهيد» رواه البخارى وأحمد.
ثم يتساءل: والآن لا نقول ما رأى الطب في هذا القول؟ بل ما رأى المثقف العادى؟ وبعد ثرثرة فارغة يقول: أرجو كبار الأطباء أن ينظروا في مراجعهم حتى يشرحوا نوع الشهادة التي رأى محمد أن يخص بها المسلمين فقط وما نجد شيئًا نعقب به على هذا الغباء.
ومعروف من تعاليم الإسلام أنه شديد الاهتمام بنظافة البدن، وتنقيته من كل درن، وما دام الإنسان يأكل الطعام فهو محتاج إلى إرشادات مهمة لاستقباله، والخلاص من فضلاته.
ولم يؤثر عن أحد أنه أمر بتطهير الفم كما أثر ذلك عن محمد عليه الصلاة والسلام.
ولم يؤثر عن أحد أنه أمر بالتطهر التام من آثار الفضلات الأدبية كما أثر ذلك عن الإنسان الطهور الوضىء محمد بن عبد الله فقد أوصى باستخدام الماء، بعد أن أوصى بإزالة القذى دون ملامسة اليد له، ولا بأس في بيئة صحراوية من الاستعانة ببعض الحصى في ذلك تنزيهًا لليد من مباشرة النجس! ومع ذلك كله فقد أمر بدلك اليد بالتراب، أو بأى مزيل للروائح الكريهة! ماذا يفعل أكثر من ذلك لتكريم الجسد الإنسانى؟
وفى الجنابة إذا كانت هناك آثار للسائل المنوى تغسل، وينقى منها البدن والثوب، مع أن السائل المنوى طاهر عند فريق من الفقهاء.
غير أن عبقرى أسيوط دخل في هذه القضية بفكر متعصب قذر، فذكر عن ميمونة- زوج النبى- أنه اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده ثم دلك بها الحائط، ثم غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه رواه البخارى، ومسلم، والإسماعيلى في مستخرجه وابن حبان، راجع تلخيص الحبير: 1/ 142.
قال الكاتب: في هذا الحديث نقف عند جملة معينة هى: فغسل فرجه بيده ثم دلك بها الحائط أي مسح يده بالحائط، أليس هذا التصرف ناقلًا للعدوى لو أنا تابعناه.. إن الطب يؤكد أن أمراضًا كثيرة مثل الديدان المعوية والبلهارسيا تنتقل بهذا التصرف من المريض إلى السليم.
وهذا كذب في كذب! من قال: إن أي زوج ينقى جسمه من آثار المباشرة الجنسية ينقل البلهارسيا وديدان الأمعاء؟!
والكاتب الذي يمد عينيه إلى هذه الشئون كيف ينسى ما عنده من تعاليم تجعل ما يخرج من جسمه- أيًا كان- ليس نجسًا.. أي الفريقين أطهر وأشرف؟ هل نذكر له ما ورد في الأناجيل من ذلك؟ يراجع كتابنا دفاع عن العقيدة والشريعة.
إن التوجيهات المحمدية في ذلك بلغت القمة، أما ما ينقل عن غيره فيثير الغثيان.
وإذا لم يكن الكاتب نصرانيًا وكان شيوعيًا فهل يدلنا كيف كان ماركس يتطهر؟ إن إبقاء الغطاء على هذا الموضوع أحفظ للمروءة وأصون للذوق العام!
ويتهكم الكاتب بالطهارة الرمزية المعروفة في الإسلام باسم التيمم. ونحن نقول له: إذا كنت تضيق أن يمس التراب بعض أعضاء الإنسان فما رأيك إذا كان الكتاب المقدس يأمر بابتلاع هذا التراب نفسه؟ سنسوق النص بعد قليل عند الحديث عن الاعتراف.
وينكر الكاتب وجود السماء قائلًا: إن الفكر البشرى أيام جهالته أخطأ في فهم الزرقة التي تحيط بنا، فوصفها بأنها سقف الأرض وسماها سماء، ثم جاءت الأديان فأكدت ذلك، وزادت بأن حددت عدد طبقاتها، وظل هذا الاعتقاد سائدًا حتى أبطله العلم.
ونقول: تطلق السماء لغة على كل ما علا. وقد أطلق القرآن الكريم السماء على السحاب. قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفًا ألوانها} (فاطر: 27) وفي آية أخرى: {ألم تر أن الله يزجى سحابًا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركامًا فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 42] أي المطر.
ومن الآيتين معًا نعلم أن السماء هي السحاب.
وأطلق القرآن السماء على السقف العادى، وكل ما ارتفع: {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع} [الحج: 15].
وتطلق السماوات السبع على طباق فوقنا لا نعرف: ما هى، ولا ما أبعادها، ولم يتحدث الدين عن مادتها، ولا عن طريقة بنائها، فماذا في العلم يخالف ما أسلفنا بيانه؟
يقول هذا الكاتب: وراء النجوم فراغ لا نهائى، لا محدود.
ونقول هذا كذب، فالكون محدود، والوصف بالمطلق هو لله وحده، ولم يقل علماء الفلك أنهم استيقنوا من أن كوننا هذا لا نهائي.
ثم يجىء الكاتب إلى قال تعالى: {أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} فيزعم أن هذا الرأى يناقض جميع النظريات العلمية، كما يعرف ذلك طلاب المدارس.
لقد فهم الأحمق من الآية أن الأرض كانت ملزوقة في الزرقة الفضائية قبل أن تنفصل وحدها.. وهذا ما لم يقله أحد.
سئل ابن عباس عن هذه الآية فقال: فتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات.
وهناك رأى علمى بأن المجموعة الشمسية كانت سديمًا، ثم انفصلت عن الشمس وتوابعها على نحو ما نرى.
ونحن لا نصدق ولا نكذب رأيًا علميًا لم يستقر في وضعه الأخير.. والمهم أن القرآن يستحيل أن يكون به ما يناقض حقيقة علمية مقررة.

.المداد القرآني:

ومن سخافات المسكين أن يقول إن القرآن كله تتم كتابته بقطرات من محبرة، فكيف يجىء به {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى} [الكهف: 109].
إن كلمات الله تكثر كثرة ما يعلم، وقد وسع كل شيء علمًا، إنها الكلمات المتصلة بتدبير الوجود كله، والقيام على أمره، إنها تتصل بحياة كل ذرة في الأرض والسماء.
وليست بداهة ألفاظ القرآن، ولكن الجنون فنون.
ولا أريد أن أطيل السرد، والأخذ والرد مع شخص يهزل ويرى أنه يجد!

.حديث الذباب:

أريد أن أقرر حقيقة إسلامية ربما جهلها البعض: هل رفض حديث آحاد لملحظ ما يعد صدعًا في بناء الإسلام؟
كلا فإن سنن الآحاد عندنا تفيد الظن العلمي، إنها قرينة تستفاد منها الأحكام الفرعية في ديننا، فإذا وجد الفقيه أو المحدث أن هناك قرينة أرجح منها، تركها إلى الدليل الأقوى دون غضاضة.
وتعريف الحديث الصحيح: ألا تكون فيه علة قادحة، فإذا بدت علة في سنده أو متنه تلاشت صحته، ولا حرج.
وأئمة الفقه الإسلامي بنوا اجتهادهم على هذا النظر الصائب.
فأبو حنيفة مثلًا رفض أن يترك المسلم إذا قتل كافرًا دون قصاص وتجاوز حديث البخاري في ذلك «لا يقتل مسلم في كافر» واعتمد في مذهبه على آية {النفس بالنفس}.
ومالك كره أن تنفل المصلى قبل فريضة المغرب، ولم يلتفت لما رواه البخارى في ذلك من استحباب صلاة ركعتين لمن شاء، ورأيه هذا يرجع إلى أن عمل أهل المدينة أدل على السنة من حديث آحاد، وهم لا يتنفلون قبل المغرب، فاتباعهم أولى من رواية البخارى.
وأبو حنيفة ومالك جميعًا يكرهون أن يصلى المرء تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة، ويردون ما رواه البخارى في ذلك بردود شتى.
وأغلب الأئمة يرفض ما روى.. في الصحيح من أن رضاعة الكبار تثبت حرمة المصاهرة، ويرون أن الرضاعة المثبتة المحرمة ما كان في فترة الطفولة، أي ما أنبت اللحم وشد العظم.
ولا نريد أن ننتقل إلى مباحث فقهية مفصلة، وإنما نريد أن نقول: هب أن رجلًا قال: لا أستطيع قبول رواية «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء» أيكون من الكافرين؟ كلا! فلم يقل أحد أن أركان الإسلام تضم الإيمان بالله واليوم الآخر وغمس الذباب في الشراب إذا سقط فيه!
وحيث الآحاد ليس مصدر عقيدة شرعية أو حكم قاطع، بيد أنى من باب استكمال البحث العلمي فقط.
أسأل: هل الحديث مردود؟ إن بعض علماء الحشرات قرر أن هذه الحشرة تفرز الشىء والشىء المضاد له، فإن استقر هذا الرأى الفنى فالحديث صحيح، وإن ثبت قطعًا أن الذباب مؤذ في جميع الأحوال التي تعرض له ومن بينها الحالة المروية في الحديث رددته دون غضاضة.
وليس بقادح هذا في ديني ولا يقيني.
وقد روى البخارى أحاديث صحيحة السند لكن أئمة الفقه عملوا بغيرها لأدلة أقوى عندهم منها.. وأنا شخصيًا متوقف في هذا الحديث، لم أنته فيه إلى حكم حاسم، وعلى أية حال فهو لا يتعلق بسلوك خاص أو عام.
إن قواعد الدين وعباداته وفضائله وقيمه ترتكز أولًا على القرآن الكريم ثم ما يشرحه من سنن استراح النقاد الأخصائيون له.
ومنهج المحدثين في تلقى التراث النبوى لا غبار عليه، بل إن هذا المنهج هو ما تحتاج إليه الديانات الأخرى لتكون موضع ثقة وقبول.
وما دام هناك من يضرب رأسه بالجبل ليثبت أن في الإسلام متناقضات فلنلق نحن نظرة خاطفة على تراث القوم ليرى القراء أين تقع التناقضات الحقيقية:

.أساطير العهد القديم:

إننا في الفصل الأول من هذا الكتاب فضحنا الأسلوب الطفولى الماجن الذي تحدث به العهد القديم عن الألوهية، فلنسمع هذه الأخبار عن عدد بنى إسرائيل حين دخلوا مصر وحين خرجوا منها، يقول الأستاذ عصام الدين حفنى ناصف كاشفًا عن التزوير الذي اقترفه كتاب التوراة:
من ذلك ما زعموه أن يعقوب وأسرته وفدوا على مصر بدعوة من يوسف، وكانت عدتهم 70 شخصًا فما انصرمت 215 عامًا حتى كان عددهم قد ناهز 3000000 أى 3 مليون فلما نزحوا عن ديارنا كان بينهم نحو ستمائة ألف ماش من الرجال عدا الأولاد- هكذا سجل سفر الخروج- (12: 37) وقد أحصوا أبكارهم فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعدًا، المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفًا ومائتين وثلاثة وسبعين (عدد 3: 43).
فإذا ضاعفنا هذا الرقم كان جميع الأبكار من الجنسين نحو 45000، وبقسمة عدد الجماعة على عدد الأبكار نخلص إلى أن المرأة الإسرائيلية كانت تلد زهاء 65 وليدًا!.
هذه هي مقررات الكتاب المقدس.. دون تعليق!
وظاهر أن اليهود كذبوا في ذكر عددهم كذبًا صارخًا، وأنهم أودعوا كذبهم هذا في تضاعيف التوراة، وعلينا أن نصدق!
يقول عصام ناصف: إن هذه الملايين الثلاثة المزعومة من اليهود الآبقين من مصر لو أنها سارت في صفوف عرضية متراصة يضم كل صف منها عشرين يهوديًا، ويشغل الصف بين سابقه ولاحقه مترًا واحدًا لاستطال هذا القطار البشرى الطابور مسافة 150 كيلو مترًا- أبعد من المسافة بين القاهرة وخليج السويس- ولتعذر على قائدهم موسى أن يبلغهم أوامره!
وعن كهنة الأديان السابقة وإغراقهم في المتاع المادى يقول: إن المال والجاه وإن كانا في حقيقة أمرهما غرضًا يبتغى لذاته، هما كذلك وقبل ذلك وسيلة لفرض لا تكتمل المتعة إلا به، وهو قضاء الوطر من الناحية الجنسية، ومن ثم خولوا أنفسهم حق الاستماع إلى اعترافات النساء، فيما يتصل بأوثق علاقاتهن بالرجال.
وقد اشترعوا لهذا الغرض ما أسموه شريعة الغيرة. فإذا استراب رجل بامرأته، وهجس في صدره أنها خانته مع آخر يأتى الرجل بامرأته إلى الكاهن ويأتى بقربانها معها، فيقعدها الكاهن ويوقفها أمام الرب، ويأخذ الكاهن ماء مقدسًا في إناء خزف ويأخذ الكاهن من الغبار الذي في أرض المسكن ويجعله في الماء (عدد 15- 17).
ويخلو الكاهن بالمرأة ويشرع في تلاوة بعض الألفاظ ويستحلف المرأة أن تقر بما كان منها ثم يجرعها الماء المشوب بالغبار.
ومتى سقاها الماء فإن كانت قد تنجست وخانت رجلها يدخل فيها ماء اللعنة للمرارة فيرم- يتورم- بطنها وتسقط فخذها! فتصير المرأة لعنة في وسط شعبها. وإن لم تكن المرأة قد تنجست بل كانت طاهرة تتبرأ وتحبل لزرع عدد: 15- 17 نقدم هذا النص لمن لم يرقهم التيمم بالغبار، ها هو ذا الغبار يشرب عندهم.